الخميس، 7 أبريل 2016

قف قليلا


أى المسالك أنت سالك؟
قف قليلا قد تكون هالك
فما تحبه النفس ليس إلا
قبرا تدفن فيه آمالك
 
السبيل السهل لا يجدى
إلا من بالدون رضى
فلا تطع ما تهوى فتهوى
من العلا إلى قاع سحيق
ليس السهل ما يقبله الملوك
فى قمة الجبل  تجد ذهبا و سبائك
 
فتريث قبل أن تخطو قبالك
فقد تكون النهاية نور يضئ أمامك
أو ضياع عمر و ظلام حالك
لا تقل مضى الوقت و أنفقت دهرا
فليست السعادة أرخص من مالك
 
انقذ ما تبقى و لا تتردد
فر من طريق مسدود
قبل أن يحيطك المحدود
و تطبق الحوائط على جسدك المكدود
و يلتف حول عنقك حبل مشدود
 
لا تقل كيف أعود
و قد مضى العمر فى وعود
لن تتحقق و لن يأت المنشود
لا تخش من تهمة الجحود
فحق للمرء أن يفعل ما يريد
 
ابتدر النجاة و إن تركت الزاد و المؤن
لا تهدر مزيدا من الجهد و الزمن
التمس نور الأمل من قلب الشجن
و لا تجعل أثرا لهذى المحن
فالنصر يمد يده بالعون
لمن رآه بين ثنايا الغصون
فلم يحجب الرؤيا ظلام الغبن
و علم أن النصر حق مبين
 
و عندما تهدأ ثورة البركان
سينتهى الخوف و يأتى الأمان
و تنطلق مياه ينبوع صافٍ
تجدد الحياة و تزيح ماءً آسن
و يشرق النجاح و يعلو الشان
و نرى ما لم يكن فى الحسبان
و ما كنا نظنه ليس فى الإمكان
 
فلننفض الغبار عن العيون
قبل أن تُسرق منا السنون
ثم نتقاذف التهم و الظنون
و نجعل اللوم كرة من طين
يلقيها كل منا على الآخرين
حتى تذوب بين أيدينا ترابا
و قد لوثت ملابسنا أجمعين
 
تاهت الحقيقة بين دروب الكذب
ألا يوجد فينا صادق مهذب؟
لن يقر أحد بالذنب...
هكذا جبلت نفوس البشر
 تعتز بالباطل و إن بدا الشيب
تجعل الزيف ملاذا تطمئن به
و إن صدقت ترتجف من الرهب        
إلا من هو ذكى أريب
فهل تسلك الطريق الصعب
و تصدق حتى تعرف العيب؟
 

السبت، 12 مارس 2016

الأمنية المستحيلة


ألا كل حب سوى الأم زائل

و كل بناء بعدها مائل

و كل ذى لب يبر أمه

هنيئا له فهو لرضاها نائل

قبل أن يطوى الردى جبينها الوضاء

و يختفى حسنها و تجدب الفيحاء

و تنقطع دعوات قلب مشفق

و يخبو صوت أم لربها تتبتل

فتنتهى آخر قطرة فى بحرها الرائق

كان دوما عطاؤها يتواصل

 

ألا ليت شعرى هل أراكِ ثوان

أم أغمض عينى و أرخى جفونى

هل لى بلقاء يجمعنا معا

بعد أن كان منى القلب رؤيتك

و القرب منك و تقبيل يدك

حال بيننا برزخ و حوائل

 

و كل قلب بعد قلب الأم خادع

مهما تظاهر و أقسم القائل

أن حبه فاق حب الورى

لكن الأيام تجيب السائل

عن الحقيقة و القول الفاصل

أن الحب الحق من الأم نابع

                                                  

و انطفأت شمعة الأفراح عندى

سكبت الدموع لم تشف لوعتى

تكاثر الأعداء بعد أن غاب الصديق

و برزت أنياب وحش طليق

أحاط بنا و سد الطريق

 

لو تعلمين ما حل بنا

انغرست فى الطين أقدامنا

و جرحتها الأشواك فدمت

بعدما كنا فى مكان حصين

حدقت عيون الشر صوبنا

و نالت سهام الظلم منا ما طالت

 

تجرأت علينا نفوس ذليلة

لولا ذهابك ما تربصت بنا

و لا لعابها طمعا بنا قد سالا

يهاجم الذئب الغزال الشارد

و يهابها إن كانت فى جماعة

ها قد علا صوته تبجحا و خبالا

بعدما كان لوجودك مرتاعا

 

من سيبلغك شوقنا و حبنا

من ينبئك أن الحسرة ساكنة

أعاصير الندم قد حطمت أبدانا

هل تعلمين أمنا أننا

يسقط منا الدمع فلا نجد من يكفكف

فلا يدا حانية و لا بسمة تخفف

و تأتى أسباب السعادة و لسنا بها نشعر

لحظات النجاح لا طعم لها

فما معناها إن لم تشاركينا المشاعر

 

دقت الذكريات شغاف قلبى الآسف

و سردت أحداثا مضت و لطائف

لعلها تطمئن نفس كسير خائف

دعوت دمعى المتحجر أن انطلق

فى  لحظة صمت أويت إلى نفسى

اكتم الأحزان كى لا تتضاعف