الخميس، 23 يوليو 2009

صورة طبق الأصل

رؤية الأطفال ليست دائماً مبهجة.. فشاعرنا اليوم هاجت نفسه بذكرى حزينة لما رأى طفلا صغيرا منكس الرأس مكسور النفس يشبهه في طفولته و قسوة الحياة عليه، و تذكر ماضيا جاهد نفسه كثيرا ليمحوه من ذاكرته، و سرعان ما غمره الأسف على هذا الطفل الذي تنبأ له بحياته في المستقبل التي لابد و أن تشبه حياة الشاعر، فذلك الشقاء الذي تعرض له سوف يعلمه فلسفة الحياة و يهبه حكمتها و يريه حقيقتها المرة و بالتالي سوف يكون هذا الطفل شديد الحساسية و التأثر بنظرة الناس التي لا تقدر إلا الأغنياء و تزن الناس بأموالهم لا بعقولهم، و سيظل يفكر و يفكر و يسأل العشرات من الأسئلة و لا من مجيب، و لا مهرب من حيرته في الحياة سوى لحظات إيمانية تقربه من ربه.

و هكذا كشف الشاعر في لحظة غطاء المستور من أيام ذلك الطفل البائس الذي تعاطف معه كأنه جزء من حياته و ماضيه.

لم ألق طفلا معذبا إلا ذكرت طفولتي

و عرفت محنته التي نهضت تطابق محنتي

و رحمت شقوته و إن لم يستفد من رحمتي

أسفي عليه مؤرقي إذ بات يعرض صورتي

و لعله في عمره الباقي يجدد سيرتي

فيفلسف الأشياء فلسفة تماثل حكمتي

يرى رياء الذل يفصح عن ضمير ميت

و يرى الإباحي استعار عباءة المتزمت

تطغي عليه شجونه و الموت إن لم يكتب

و يبيده فرط الشعور كما أباد شيبتي

و تطول ليلته عليه كما ترامت ليلتى

إن ضاق ذرعاً صاح وارباه طالت حيرتي

و يسوق أسئلة تمر بلا جواب مسكت

فإذا دهته منية وافته مثل منيتي

إني شرحت حياته سلفاً لأشرح قصتي

**** الطفل المعذب / محمد رجب البيومى***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق