الخميس، 6 أغسطس 2009

غير مجد

تتعاقب في حياة الإنسان أيام حزن و أيام فرح، و كلها تمضى.. فلا سعادتنا و تعلقنا بالأيام السعيدة يبقيها، و لا هروبنا و تألمنا من الأيام الحزينة ينهيها، فكلها على الإنسان مفروضة..اسعد كما تشاء و غنى، أو ابك ليل نهار و عش في شجن ..كله سواء.. فالنهاية في الحالتين واحدة: أيام تمضى من العمر ولا تعود أبدا.

ألا ترى أن صوت الحمامة لا يكاد يتميز هل هو بكاء أو غناء رغم تأرحجها على غصن الشجر بسعادة ظاهرة؟ لكن ليست ضحكة الوجه دليلا أكيدا على سعادة القلب.

أعداد البشر لا تحصى منذ بدء الخليقة فأين ذهبت قبورهم؟ لابد أنها اختلطت بتراب الأرض الآن فهل تستطيع أن تسير على الأرض بغرور و خيلاء بعد أن علمت أنك ربما تسير على بقايا و رفات جدود الجدود؟ فلتمشى بخفة إذن على الأرض أو سر في الهواء إن استطعت.

لا تتعجب فإنها وجهة نظر أبى العلاء المعري الشاعر الكفيف البصر فالدنيا بالفعل سوداء في عينيه و لكنها كلمات قد تكون صائبة في جانب كبير منها.

كيف يريد الإنسان الاستزادة من الحياة؟ و هي التعب بعينه و أحزانها تفوق سرورها، قس على ذلك سرور لحظة الميلاد كيف تستمر برهة، و رهبة لحظة الموت كيف تستمر شهورا كثيرة..

و هل الموت سوى نومه طويلة يرتاح فيها ذلك الجسد المنهك طوال سنين الحياة، يرتاح من الكدح والسعي و الجري وراء أسباب الحياة، و معاناة الابتلاءات التي تفاجئه من وقت لآخر لتنتقص من أسباب سعادته و تحول دون اكتمالها؟ أليست هذه طبيعة الحياة الدنيا؟ فليتقبل الإنسان أحداثها بلا أسى و لا فرح و لا يسرف في الانفعال، فكل حدث مكتوب قبل حدوثه و لا يملك الإنسان أمام القضاء شيئاً سوى الرضي به لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.


 

غير مجد في ملتي واعتقادي نــــــوح باك ولا ترنم شاد

وشبيه صوت النعي إذا قيس بصوت البشير في كل ناد

أبكت تلكم الحمامــة أم غنت على فــــرع غصنها المياد

صاح هذي قبورنا تملأ الرحب فأين القبور من عهد عاد


 

خفف الوطء ما أظن أديم الارض إلا من هذه الاجسام

وقبيح بنا، وإن قــــدم العــــــهد هـــــوان الآبـــاء والأجـــداد

سر ان اسطعت في الهواء رويداً لا اخـتيالاً عــلى رفات العباد

رُب لحد قد صار لحداً مراراً ضاحكا من تزاحم الأضداد

ودفين على بقايا دفين في طويلا لأزمان والآباد


 

تعب كلها الحياة فما أعجب إلا من راغب في ازدياد

ان حزناً في ساعة الموت اضعاف سرور في ساعة الميلاد

انما ينقلون من دار أعمال إلى دار شقوة او رشاد

ضجعة الموت، رقدة يستريح الجسم فيها والعيش مثل السهاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق